smsm basha
تاريخ التسجيل : 22/04/2010 عدد المساهمات : 587 نقاط : 1466 العمر : 35 المزاج : الحمد لله على كل شىء الابراج : السٌّمعَة : 3 العمل/الترفيه : طالب بكلية الاداب جامعة المنصورة الجنس :
| موضوع: نوح عليه السلام الخميس أبريل 22, 2010 6:51 am | |
| نبذة:
كان نوح تقيا صادقا أرسله الله ليهدي قومه وينذرهم عذاب الآخرة ولكنهم عصوه وكذبوه، ومع ذلك استمر يدعوهم إلى الدين الحنيف فاتبعه قليل منالناس، واستمر الكفرة في طغيانهم، فأخذ يدعوهم 950 سنة ثم أمره الله ببناء السفينة وأن يأخذ معه زوجا من كل نوع ثم جاءالطوفان فأغرقهم أجمعين.
سيرته:
حالالناس قبل بعثة نوح:
قبل أن يولد قوم نوح عاش خمسة رجال صالحين من أجداد قوم نوح، عاشوا زمنا ثم ماتوا،كانت أسماء الرجال الخمسة هي: (ودَّ، سُواع، يغوث، يعوق، نسرا). بعد موتهم صنعالناس لهم تماثيل في مجال الذكرى والتكريم، ومضى الوقت.. ومات الذين نحتواالتماثيل.. وجاء أبنائهم.. ومات الأبناء وجاء أبناء الأبناء.. ثم نسجت قصصاوحكايات حول التماثيل تعزو لها قوة خاصة.. واستغل إبليس الفرصة، وأوهم الناس أن هذه تماثيل آلهة تملك النفع وتقدر على الضرر.. وبدأالناس يعبدون هذه التماثيل.
إرسال نوح عليه السلام:
كان نوح على الفطرة مؤمنابالله تعالى قبل بعثته إلى الناس. وكل الأنبياء مؤمنون بالله تعالى قبلبعثتهم. وكان كثير الشكر لله عزّ وجلّ. فاختاره الله لحمل الرسالة. فخرج نوح علىقومه وبدأ دعوته:
يَاقَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَأَخَافُعَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
بهذه الجملة الموجزة وضعنوح قومه أمام حقيقة الألوهية.. وحقيقة البعث. هناك إله خالق وهو وحده الذي يستحقالعبادة.. وهناك موت ثم بعث ثم يوم للقيامة. يوم عظيم، فيه عذاب يومعظيم. شرح "نوح" لقومه أنهيستحيل أن يكون هناك غير إله واحد هو الخالق. أفهمهم أن الشيطان قد خدعهمزمنا طويلا، وأن الوقت قد جاء ليتوقف هذا الخداع، حدثهم نوح عن تكريم اللهللإنسان. كيف خلقه، ومنحه الرزق وأعطاه نعمة العقل، وليست عبادة الأصنام غير ظلم خانقللعقل.
تحرك قوم نوح في اتجاهينبعد دعوته. لمست الدعوة قلوب الضعفاء والفقراء والبؤساء، وانحنت على جراحهموآلامهم بالرحمة.. أما الأغنياء والأقوياء والكبراء، تأملوا الدعوة بعين الشك… ولما كانوا يستفيدون من بقاء الأوضاع على ما هي عليه.. فقد بدءوا حربهم ضدنوح.
في البداية اتهموا نوحابأنه بشر مثلهم:
فَقَالَالْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًامِّثْلَنَا
قال تفسير القرطبي: الملأالذين كفروا من قومه هم الرؤساء الذين كانوا في قومه. يسمون الملأ لأنهم مليئون بمايقولون.
قال هؤلاء الملأ لنوح: أنت بشر يا نوح.
رغم أن نوحا لم يقل غيرذلك، وأكد أنه مجرد بشر.. والله يرسل إلى الأرض رسولا من البشر، لأن الأرض يسكنهاالبشر، ولو كانت الأرض تسكنها الملائكة لأرسل الله رسولا من الملائكة.. استمرت الحرب بين الكافرين ونوح.
في البداية، تصور الكفرةيومها أن دعوة نوح لا تلبث أن تنطفئ وحدها، فلما وجدوا الدعوة تجتذبالفقراء والضعفاء وأهل الصناعات البسيطة بدءوا الهجوم على نوح من هذه الناحية. هاجموه في أتباعه، وقالوا له: لم يتبعك غير الفقراءوالضعفاء والأراذل.
هكذا اندلع الصراع بين نوح ورؤساء قومه. ولجأ الذين كفروا إلى المساومة. قالوا لنوح: اسمع يا نوح. إذا أردت أن نؤمن لك فاطرد الذين آمنوا بك. إنهم ضعفاء وفقراء، ونحن سادة القوم وأغنياؤهم.. ويستحيل أن تضمنا دعوة واحدة مع هؤلاء.
واستمع نوح إلى كفار قومه وأدرك أنهم يعاندون، ورغم ذلك كان طيبا في رده. أفهم قومه أنه لا يستطيع أن يطرد المؤمنين، لأنهم أولا ليسواضيوفه، إنما هم ضيوف الله.. وليست الرحمة بيته الذي يدخل فيه من يشاء أو يطرد منه منيشاء، إنما الرحمة بيت الله الذي يستقبل فيه من يشاء.
كان نوح يناقش كل حجج الكافرين بمنطق الأنبياء الكريم الوجيه. وهو منطق الفكر الذي يجرد نفسه منالكبرياء الشخصي وهوى المصالحالخاصة.
قال لهم إن الله قد آتاهالرسالة والنبوة والرحمة. ولم يروا هم ما آتاه الله، وهو بالتالي لا يجبرهم علىالإيمان برسالته وهم كارهون. إن كلمة لا إله إلا الله لا تفرض على أحد منالبشر. أفهمهم أنه لا يطلب منهم مقابلا لدعوته، لا يطلب منهم مالا فيثقل عليهم، إنأجره على الله، هو الذي يعطيه ثوابه. أفهمهم أنه لا يستطيع أن يطرد الذين آمنوابالله، وأن له حدوده كنبي. وحدوده لا تعطيه حق طرد المؤمنين لسببين: أنهم سيلقونالله مؤمنين به فكيف يطرد مؤمنا بالله؟ ثم أنه لو طردهم لخاصموه عند الله،ويجازي من طردهم، فمن الذي ينصر نوحا من الله لو طردهم؟وهكذا انتهى نوح إلى أن مطالبة قومه له بطرد المؤمنين جهل منهم.
وعاد نوح يقول لهم أنه لايدعى لنفسه أكثر مما له من حق، وأخبرهم بتذللـه وتواضعه لله عز وجل، فهو لا يدعيلنفسه ما ليس له من خزائن الله، وهي إنعامه على من يشاء من عباده، وهو لايعلم الغيب، لأن الغيب علم اختص الله تعالى وحده به. أخبرهم أيضا أنه ليس ملكا. بمعنى أن منزلته ليست كمنزلة الملائكة.. قال لهم نوح: إن الذين تزدري أعينكم وتحتقروتستثقل.. إن هؤلاء المؤمنين الذي تحتقرونهم لن تبطل أجورهم وتضيعلاحتقاركم لهم،الله أعلم بما في أنفسهم. هو الذي يجازيهم عليه ويؤاخذهم به.. أظلم نفسي لو قلت إنالله لن يؤتيهم خيرا.
وسئم الملأ يومها من هذاالجدل الذي يجادله نوح.. حكى الله موقفهم منه في سورة (هود):
قَالُواْيَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَاتَعِدُنَاإِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ(32)قَالَإِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِن شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ(33)وَلاَ يَنفَعُكُمْنُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْأَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْوَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (34) (هود)
أضاف نوح إغواءهم إلى الله تعالى. تسليما بأن الله هو الفاعل في كل حال. غير أنهم استحقوا الضلال بموقفهم الاختياري وملئ حريتهم وكاملإرادتهم.. فالإنسان صانع لأفعاله ولكنه محتاج في صدورها عنه إلى ربه. بهذهالنظرة يستقيم معنى مساءلة الإنسان عن أفعاله. كل ما في الأمر أن اللهييسر كل مخلوق لما خلق له، سواء أكان التيسير إلى الخير أم إلى الشر.. وهذامن تمام الحرية وكمالها. يختار الإنسان بحريته فييسر له الله تعالى طريق مااختاره. اختار كفار قوم نوح طريق الغواية فيسره الله لهم.
وتستمر المعركة، وتطولالمناقشة بين الكافرين من قوم نوح وبينه إذا انهارت كل حجج الكافرين ولم يعد لديهمما يقال، بدءوا يخرجون عن حدود الأدب ويشتمون نبي الله:
قَالَالْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (60) (الأعراف)
ورد عليهم نوح بأدب الأنبياء العظيم:
قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ(61)أُبَلِّغُكُمْرِسَالاَتِ رَبِّيوَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ(62) (الأعراف)
ويستمر نوح في دعوة قومه إلى الله. ساعة بعدساعة. ويوما بعد يوم. وعاما بعد عام. ومرت الأعوام ونوح يدعو قومه. كان يدعوهم ليلا ونهارا، وسرا وجهرا، يضرب لهم الأمثال. ويشرح لهمالآيات ويبين لهم قدرة الله في الكائنات، وكلما دعاهم إلى الله فروا منه، وكلما دعاهم ليغفر الله لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستكبروا عن سماع الحق. واستمر نوح يدعو قومه إلى الله ألف سنة إلا خمسين عاما.
وكان يلاحظ أن عددالمؤمنين لا يزيد، بينما يزيد عدد الكافرين. فكانت الأجيال توصيمن بعدهم بعدم الإيمان بنوح -عليه السلام- ومحاربته ومخالفته. وكان الوالدإذا بلغ ولده وعقل، وصاه ألا يؤمن بنوح أبدا. فحزن نوح غير أنه لم يفقدالأمل، وظليدعو قومه ويجادلهم، وظل قومه على الكبرياء والكفر والتبجح. وحزن نوح علىقومه. لكنه لم يبلغ درجة اليأس. ظل محتفظا بالأمل طوال 950 سنة. ويبدو أن أعمار الناس قبل الطوفان كانتطويلة، وربما يكون هذا العمر الطويل لنوح معجزة خاصة له.
وجاء يوم أوحى الله إليه،أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن. أوحى الله إليه ألا يحزن عليهم. ساعتها دعا نوحعلى الكافرين بالهلاك:
وَقَالَنُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا(26) (نوح)
برر نوح دعوته بقوله:
إِنَّكَإِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًاكَفَّارًا(26) (نوح)
الطوفان:
ثم أصدر الله تعالى حكمه على الكافرين بالطوفان. أخبر الله تعالى عبده نوحا أنه سيصنعسفينة (بِأَعْيُنِنَاوَوَحْيِنَا) أيبعلم الله وتعليمه، وعلى مرأى منه وطبقا لتوجيهاته. أصدر الله تعالى أمرهإلى نوح: (وَلاَتُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ) يغرق الله الذين ظلموا مهما كانت أهميتهم أو قرابتهم للنبي، وينهى الله نبيه أن يخاطبه أو يتوسطلهم.
وبدأ نوح ببناء السفينة. كانت سفينةعظيمة الطول والارتفاع والمتانة، وقد اختلف المفسرون في حجمها، وهيئتها، وعددطبقاتها، ومدة عملها، والمكان الذي عملت فيه، ومقدار طولها، وعرضها، علىأقوال متعارضة لم يصح منها شيء. وقال الفخر الرازي في هذا كله: أعلم أن هذهالمباحث لا تعجبني، لأنها أمور لا حاجة إلى معرفتها البتة، ولا يتعلق بمعرفتها فائدةأصلا. نحن نتفق مع الرازي في مقولته هذه. فنحن لا نعرف عن حقيقة هذه السفينة إلا ماحدثنا الله به. تجاوز الله تعالىهذه التفصيلات التي لا أهمية لها، إلى مضمون القصة ومغزاها المهم.
كان نوح يبني السفينة،ويمر عليه الكفار فيرونه منهمكا في صنع السفينة، والجفاف سائد، وليست هناك أنهارقريبة أو بحار. كيف ستجري هذه السفينة إذن يا نوح؟ هل ستجري على الأرض؟ أينالماء الذي يمكن أن تسبح فيه سفينتك؟ لقد جن نوح، وترتفع ضحكات الكافرين وتزدادسخريتهم من نوح -عليه السلام-. وكانوا يسخرون منه قائلين: صرت نجارا بعد أن كنتنبيا!
إن قمة الصراع في قصة نوحتتجلى في هذه المساحة الزمنية، إن الباطل يسخر من الحق. يضحك عليه طويلا، متصورا أنالدنيا ملكه، وأن الأمن نصيبه، وأن العذاب غير واقع.. غير أن هذا كله مؤقتبموعد حلول الطوفان. عندئذ يسخر المؤمنون من الكافرين، وتكون سخريتهم هي الحق.
انتهى صنع السفينة، وجلس نوحينتظر أمر الله. أوحى الله إلى نوح أن فوران التنور علامة على بدءالطوفان. قيل في تفسير التنورأنه بركان في المنطقة، وقيل أن الفرن الكائن في بيت نوح، إذا خرج منه الماءوفار كان هذا أمرا لنوح بالحركة.
وجاء اليوم الرهيب، فار التنور. وأسرع نوح يفتح سفينته ويدعو المؤمنين به. حمل نوح إلى السفينة من كل حيوان وطير ووحش زوجين اثنين، بقراوثورا، فيلا وفيلة، عصفورا وعصفور، نمرا ونمرة، إلى آخر المخلوقات، وذلك لضمانبقاء نوع الحيوان والطير على الأرض، وهذامعناه أن الطوفان أغرق الأرض كلها، فلولا ذلك ما كان هناك معنى لحمل هذهالأنواع منالحيوان والطير. وبدأ صعود السفينة. صعدت الحيوانات والوحوش والطيور، وصعدمن آمنبنوح، وكان عدد المؤمنين قليلا.
لم تكن زوجة نوح مؤمنة بهفلم تصعد، وكان أحد أبنائه يخفي كفره ويبدي الإيمان أمام نوح، فلم يصعد هوالآخر. وكانت أغلبية الناس غير مؤمنة هي الأخرى، فلم تصعد. وصعد المؤمنون. قال ابنعباس، رضي الله عنهما: آمن من قوم نوح ثمانون إنسانا.
ارتفعت المياه من فتحاتالأرض. انهمرت من السماء أمطاراغزيرة بكميات لم تر مثلها الأرض. فالتقت أمطار السماءبمياهالأرض، وصارتترتفع ساعة بعد ساعة. فقدت البحار هدوئها، وانفجرت أمواجها تجور على اليابسة، وتكتسح الأرض. وغرقت الكرة الأرضية للمرة الأولى في المياه.
ارتفعت المياه أعلى منالناس. تجاوزت قمم الأشجار، وقمم الجبال، وغطت سطح الأرض كله. وفي بدايةالطوفان نادى نوح ابنه. كان ابنه يقف بمعزل منه. ويحكي لنا المولى عز وجل الحوارالقصير الذي دار بين نوح -عليه السلام- وابنه قبل أن يحول بينهما الموج فجأة.
نادى نوح ابنه قائلا: يَابُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ ورد الابنعليه: قَالَسَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء عاد نوحيخاطبه: قَالَلاَعَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ
وانتهى الحوار بين نوحوابنه:
وَحَالَبَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ
انظر إلى تعبير القرآن الكريم (وَحَالَبَيْنَهُمَا الْمَوْجُ) أنهى الموج حوارهما فجأة. نظر نوح فلم يجد ابنه. لم يجد غير جبال الموج التي ترتفع وترفع معهاالسفينة، وتفقدها رؤية كل شيء غير المياه. وشاءت رحمة الله أن يغرق الابن بعيدا عنعين الأب، رحمة منه بالأب، واعتقد نوح أن ابنه المؤمن تصور أن الجبل سيعصمه من الماء،فغرق.
واستمر الطوفان. استمريحمل سفينة نوح. بعد ساعات من بدايته، كانت كل عين تطرف على الأرض قد هلكت غرقا. لميعد باقيا من الحياة والأحياء غير هذا الجزء الخشبي من سفينة نوح، وهوينطوي علىالخلاصة المؤمنة من أهل الأرض. وأنواع الحيوانات والطيور التي اختيرتبعناية. ومنالصعب اليوم تصور هول الطوفان أو عظمته. كان شيئا مروعا يدل على قدرةالخالق. كانتالسفينة تجري بهم في موج كالجبال. ويعتقد بعض العلماءالجيولوجيااليوم إن انفصال القاراتوتشكل الأرض في صورتها الحالية، قد وقعا نتيجة طوفان قديم جبار، ثارت فيهالمياه ثورة غير مفهومة. حتى غطت سطح الجزء اليابس من الأرض، وارتفعت فيه قيعانالمحيطات ووقع فيه ما نستطيع تسميته بالثورة الجغرافية.
استمر طوفان نوح زمنا لانعرف مقداره. ثم صدر الأمر الإلهي إلى السماء أن تكف عن الإمطار، وإلى الأرض أنتستقر وتبتلع الماء، وإلى أخشاب السفينة أن ترسو على الجودي، وهو اسم مكانقديم يقال أنه جبل في أرض الجزيرة أو العراق. طهر الطوفان الأرض وغسلها. قال تعالى في سورة (هود):
وَقِيلَيَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءوَقُضِيَالأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِالظَّالِمِينَ (44) (هود)
(وَغِيضَ الْمَاء) بمعنى نقص الماء وانصرف عائدا إلىفتحات الأرض. (وَقُضِيَ الأَمْرُ) بمعنى أنه أحكم وفرغ منه،يعني هلك الكافرون من قوم نوح تماما. ويقال أن الله أعقم أرحامهم أربعينسنة قبلالطوفان، فلم يكن فيمن هلك طفل أو صغير. (وَاسْتَوَتْعَلَىالْجُودِيِّ) بمعنى رست عليه. (وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي هلاكا لهم. طهر الطوفان الأرض منهم وغسلها. ذهب الهول بذهاب الطوفان. وانتقل الصراع من الموج إلى نفس نوح.. تذكر ابنه الذي غرق.
لم يكن نوح يعرف حتى هذهاللحظة أن ابنه كافر. كان يتصور أنه مؤمن عنيد، آثر النجاة باللجوء إلى جبل. وكانالموج قد أنهى حوارهما قبل أن يتم.. فلم يعرف نوح حظ ابنه من الإيمان. تحركت في قلب الأب عواطف الأبوة. قال تعالى في سورة (هود):
وَنَادَىنُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَالْحَقُّوَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ(45) (هود)
أراد نوح أن يقول لله أن ابنه من أهله المؤمنين. وقد وعده الله بنجاة أهله المؤمنين. قال الله سبحانه وتعالى، مطلعا نوحا على حقيقة ابنه للمرة الأولى:
يَا نُوحُإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَتَسْأَلْنِ مَالَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَالْجَاهِلِينَ (46) (هود)
قال القرطبي -نقلا عنشيوخه من العلماء- وهو الرأي الذي نؤثره: كان ابنه عنده -أي نوح- مؤمنا فيظنه، ولميك نوح يقول لربه: (إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي) إلاوذلك عنده كذلك، إذ محال أن يسأل هلاك الكفار، ثم يسأل في إنجاء بعضهم. وكان ابنه يسرّ الكفر ويظهر الإيمان. فأخبر الله تعالى نوحا بما هو منفرد به من علم الغيوب. أي علمت من حال ابنك ما لم تعلمه أنت. وكان الله حين يعظه أن يكون منالجاهلين، يريد أن يبرئه من تصور أن يكون ابنه مؤمنا، ثم يهلك مع الكافرين.
وثمة درس مهم تنطوي عليهالآيات الكريمة التي تحكي قصة نوح وابنه. أراد الله سبحانه وتعالى أن يقول لنبيهالكريم أن ابنه ليس من أهله، لأنه لم يؤمن بالله، وليس الدم هو الصلةالحقيقية بينالناس. ابن النبي هو ابنه في العقيدة. هو من يتبع الله والنبي، وليس ابنهمن يكفربه ولو كان من صلبه. هنا ينبغي أن يتبرأ المؤمن من غير المؤمن. وهنا أيضاينبغي أنتتصل بين المؤمنين صلات العقيدة فحسب. لا اعتبارات الدم أو الجنس أو اللونأو الأرض.
واستغفر نوح ربه وتاب إليه ورحمه الله وأمره أن يهبط من السفينة محاطا ببركة الله ورعايته. وهبط نوح من سفينته. أطلق سراح الطيور والوحشفتفرقت في الأرض، نزل المؤمنون بعد ذلك. عاش نوح وأبناءه والمؤمنون في الأرض ما شاءالله لهم. ويقال أن الله لم يجعل لأحد ممن كان معه من المؤمنين نسلا ولا عقبا سوى نوح -عليه السلام-، فكل من على وجه الأرض اليوم من سائر أجناس بني آدم، ينسبون إلىأولاد نوح الثلاثة الذين نجوا وهم سام، وحام، ويافث.
| |
|
اتش
تاريخ التسجيل : 19/04/2010 عدد المساهمات : 508 نقاط : 558 السٌّمعَة : 0 الجنس :
| موضوع: رد: نوح عليه السلام الإثنين أبريل 26, 2010 6:08 pm | |
| تسلم ايدك ع المجهود الرائع
ننتظر منك المزيد
تقبل مرورى
دومت بود | |
|
الفهد الذهبى
تاريخ التسجيل : 19/04/2010 عدد المساهمات : 1023 نقاط : 1759 العمر : 34 المزاج : رومانسى الابراج : السٌّمعَة : 16 العمل/الترفيه : تخرجت بتقدير جرح الجنس :
| موضوع: رد: نوح عليه السلام الثلاثاء أبريل 27, 2010 3:36 am | |
| تسلم ايدك على القصه والمجهود الرائع جعله الله فى ميزان حسناتك ربنا يبارك فيك اخى دمت بكل خير وسعاده فى انتظار جديدك | |
|
امير الحزن فى دنيا الفرح
تاريخ التسجيل : 27/05/2010 عدد المساهمات : 103 نقاط : 113 السٌّمعَة : 0 الجنس :
| موضوع: رد: نوح عليه السلام الأحد يونيو 06, 2010 9:34 pm | |
| تسلم ايدك على القصه والمجهود الرائع جعله الله فى ميزان حسناتك ربنا يبارك فيك اخى دمت بكل خير وسعاده فى انتظار جديدك | |
|